ولا نفسي ثمينة عندي

 

“ولا نفسي ثمينة عندي” (أع 20 : 24)

حينما تجاهد للسير في الطريق الضيق ، ليت ظل الصليب لا يفارق شعورك حتى لا تفقد الصبر أبداً مهما بلغ بك الضيق . أما العامل الأساسي لبلوغنا الصبر فهو ألا نفقد معنى الحب فيما نقدمه من فدية .

إن المجاهدة في الطريق الضيق تحتمل إما الوقوع في اليأس كضربة شمال وإما في الإحساس بالبطولة وإتقان الفضيلة كضربة يمين .

ولا يمكن أن نبلغ إلى الحب الصحيح إلا إذا تجنبنا هذين الخطرين اللذين يتهددان سيرنا في الطريق الضيق ، وهذا يتم إذا عرفنا كيف نغلب أنفسنا لنحقق حبنا ، فلا نشفق عليها حتى لا نسقط في اليأس ، ولا نمتدحها حتى لا نسقط في الإحساس بالبطولة الذي يسمونه السُبح الباطل.

ولو تعمقنا جوهر المحبة الإلهية ، وهي نموذج المحبة التي نريد أن نسير بمقتضاها ، نجدها لا تتم إلا بإنكار الذات إنكاراً يبلغ إلى التفريط فيها حتى إلى الهلاك ، وذلك كما تعلمناها من المسيح على الصليب وما قبل الصليب ، فلكي نساير المحبة يلزمنا أن لا نشفق على ذواتنا ولا على كل ما حسبناه ربحاً من هذا العالم .

أبونا إبراهيم لما قدم إسحق ، قدمه جزئياً بيديه وقدمه كلياً بالنية ، لذلك اعتبر الله أن إبراهيم ذبح ابنه فعلاً ، لذلك فداه بخروف رمزاً للمسيح الذي سيفدي النفوس التي ترتضي أن تُميت ذواتها جزئياً بالعمل ، وكلية بالنية .

وهكذا نحن مطالبون ألا نشفق على أنفسنا ، وأن يكون تقديمنا لذواتنا وأجسادنا كاملاً بالنية ، واضعين في أنفسنا حكم الموت على الدوام .

ولكن في اللحظة التي تصل فيها النية هذا الحد ؛ حينئذ يتقدم الآب الحنون في الوقت المناسب حتى لا يهلك كل من آمن به وأحبه . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى