أرنوبيوس الذي من سيكّا
Arnobius os Sicca
ت. 327م
كان معلماً مشهوراً للبلاغة في سيکا بنوميديا . وهي تقع في الجنوب الغربي من قرطاجنة تحت حكم دقلديانوس ( ۲۸۶ م -۳۰۵ م ) .
يعد أيضا من المدافعين اللاتين عن المسيحية . و كان كمعلم بارز للبلاغة في جيله ، له تلاميذ كثيرون منهم لاكتانتيوس.
نشأ وثنياً خالصاً وكان ضليعاً في الفلسفة ونشيطاً كمحاضر يهاجم المسيحية ، بل كان من أعند خصومها . و لكن كان لرؤيته عذابات المسيحيين أثناء اضطهاد دقلديانوس وتمسكهم بالإيمان إلى حد الاستشهاد على اسم السيد المسيح ، تأثير كبير غير من حياته . ويذكر البعض أيضا أنه رأی حلماً يشجعه
على اعتناق المسيحية .
عندما تقدم لأسقف مدينته طالبا المعمودية ، وكان عندئذ في سن متقدمة ، أثناء أضطهاد دقلديانوس ، شك الأسقف في صدق إيمانه وطلب منه برهاناً على أن أفكاره قد تغيرت فكتب كتابه الجدلي “ضد الوثنيين ” . على أثر ذلك نال نعمة العماد وبعدها نال أيضا نعمة الكهنوت . ولا يعرف شيئا عن باقي سيرته .
تعاليمه اللاهوتية :
وإن كانت الكنيسة في الغرب تعتبره من الكتاب الكنسيين ، إلا أن له بعض الآراء الغريبة على فكر الآباء الأرثوذكسي . له فكر رفيع عن الله ويعتبره العلة الأولى لوجود كل الأشياء . ويؤمن أن المسيح هو الله . وكان لابد من تجسده من أجل فداء البشرية.
و من آرائه التي جعلت بعض الدارسين لا يعتبرونه ممثلاً للفكر اللاهوتي المسيحي أو اللاتيني هو ما يلي :
- يرى أرنوبيوس أن الله يتسامی عن الاتصال بمخلوقاته ، وهذا فكر الفلسفة الأبيقورية .
- فالله المنعزل في جلاله، لا يشعر ولا يهتم بما يحدث في العالم (1: ۱۷، ۹: ۲، ۷: 5، 36). وهذه هي الفكرة الأساسية في كل تعليمه. وهو لذلك يرى أن الله لا يغضب إذ أن هذا لا يتفق مع طبيعته الإلهية. وسوف نرى كيف کتب لاكتانتيوس كتاباً كاملاً يضاد فيه هذه الفكرة وأسماه “غضب الله” ليبرهن أن الله ليس كائن جامدا.
- كنتيجة لذلك أيضا ينكر خلق الله للنفس، لكونها ضعيفة متقلبة تميل إلى الشر وهي أمور تنفي أن الله خلقها. فالنفس – في رأيه – ذات طابع وسيط، وجدت بحيث تهلك إذا فشلت في معرفة الله، ولكنها يمكن أن تخلص من موت إلى حياة إذا عرفته وأطاعته.
- وعلى هذا فخلود النفس عنده له شروط.
أعماله
– ضد الوثنيين: يذكر جيروم أنه كتاب دفاعي كتبه أثناء اضطهاد دقلديانوس. ويعده البعض أكثر الهجمات المكثفة المضادة للعبادات الوثنية وله أهمية كبيرة لأنه يلقي ضوءاً على الأساطير الوثنية والاحتفالات والتعاليم و اللهو السائد في عصره.
وإن كان ضعيفا فيما يحمله من تعليم مسيحي إلا أنه يحوي كمَّا هائلاً من المعلومات الخاصة بالديانات الوثنية المعاصرة له، وهو يعطينا فكرة أيضا عن الأسلوب الأدبي الأفريقي اللاتيني..
في سبعة كتب، وجههة إلى الوثنيين. كتبه ما بین ۳۰۳م-۳۱۱م:
: الكتاب الأول: • دفاع عن المسيحية وتبرئة المسيحيين من اعتبارهم سببا في الكوارث والمحن والأمراض والمجاعات والحروب التي تأتي على العالم وذلك لعدم تضحيتهم للآلهة الوثنية. وهذا الأمر نفسه كان قد قام به من قبله ترتليان في رسالته الدفاعية، والقديس كبريانوس في رسالته إلى ديمتريانوس. يفند أرنوبيوس هذا الافتراء ذاكرا أن هذه الكوارث كانت موجودة قبل المسيحية، بل أن المسيحية تحارب الشرور التي تعتبر مصدراً لكثير من هذه المحن. وفيه صلاة رائعة يطلب فيها من الرب أن يصفح عن مضطهدي المسيحيين.
يرد فيه أيضا على الانتقاد القائل بأن المسيحيين يعبدون إنسانا، ويثبت ألوهية السيد المسيح وعمله في فداء البشرية، وخاصة أنهم هم يؤلهون كثير من الأبطال والملوك.
تكلم فيه أيضا عن الله في أسمى لغة للعبادة، مشيرا إليه بأنه العلة الأولى أب ورب كل الأشياء، خالق الكل، لا يصدر عنه إلا كل خیر، غير مولود، وكلي الوجود، لا نهائي، غير مادي، ملتحف بالنور، ويعرف على أنه فائق الوصف..
عن الرب يسوع المسيح يقول إنه الله وإنه المعلم والفيلسوف الأسمى لكل من الطبيعة و العقيدة.
الكتاب الثاني: يرد فيه على كراهية الوثنيين الاسم المسيح. ويقول إن السبب في ذلك هو أن الرب قد قضى على العبادات الوثنية وجاء بالعبادة الحقيقية التي رفضها الوثنيون لحماقتهم. ويشن فيه هجوماً مطولاً على بعض أفكار أفلاطون. وهذا يجعل لهذا الكتاب أهمية خاصة بالنسبة لباقي السبعة كتب.
الكتاب الثالث: يهاجم الوثنيين لخلعهم الصفات الوضيعة لاسيما الجنسية منها على آلهتهم وهذا أمر يتعارض مع طبيعة الله.
الكتاب الرابع: يسخر من تأليههم للتماثيل ومن آلهتهم الشريرة والأساطير الشائنة التي تحكي قصص غراميات جوبيتر وهي ما تشهد عليه أعمالهم الأدبية.
الكتاب الخامس: يستنكر فيه أساطير نوما (Numa) وأتيس (Attis) ويشجب الاحتفالات والقصص المرتبطة بالعبادات السرية. ويرفض أي تفاسير مجازية لمثل هذه الخرافات.
الكتاب السادس: يهاجم فيه معابد الوثنيين وأصنامهم.
الكتاب السابع: يهاجم فيه الذبائح الوثنية، ويقول إن سبب كل هذا الضلال هو المفهوم الخاطيء عن الألوهة، ثم يضع الفكر المسيحي في مواجهته.
الكنيسة الجامعة | |||
الآباء الغربيون قبل وبعد نيقية |
|||
تاريخ الكنيسة |