رؤ1: 5 و من يسوع المسيح الشاهد الامين البكر من الاموات…
“وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ،” (رؤ1: 5)
+++
تفسير ابن كاتب قيصر
3- (4) من يوحنا للسبع كنائس الكائنة في آسيا النعمة لكم والسلامة من قبل الكائن والذي كان والذي يأتي ومن قبل سبعة الأرواح الكائنين أمام العرش (5) ومن قبل يسوع المسيح الشهيد الأمين بكر الأموات ورئيس جميع ملوك الأرض الذي أحبنا وطهرنا من خطايانا بدمه (6) وصنعنا مملكة وكهنوتا لله أبيه الذي له المجد والعزة أبد الآبدين آمين
هذا الفص هو أول ما كتب به الرسول إلى السبع الكنائس التي من أعمال آسيا الصغرى . وهذه الأماكن كانت تابعة لكرسيه الذي بشر فيه هو وتلاميذه أساقفتها ، لأنه أمر في الوحي أن يكتب إليها على ما يأتي بيانه . فصدر المكتوب بهذا القول كما كتب في رسائله وكعادة بقية الرسل .
قوله : «الكائـن والذي كان والذي يأتي» قسم هذه الثلاثة أحوال بانقسام الزمان ، وهو الماضي والحاضر والمستقبل ، والمعنى أنه تعالى ثابت دائم لا يتحول أو يتغير في جميع أحوال الزمان ، لأنه عز وجل فوق متى وأين وسائر الأعراض . وأما «السبعة الأرواح الكائنة أمام العرش» ، فهي الأرواح السباحة الواردة بسفارتها بالأوامر والنواهي من العلي في أمر الدول وغيرها . فهي مترددة على الكون والفساد ، كما ذكر في سفر دانيال النبي وعين بعض أسمائها في أسفار الأنبياء في العهد القديم ، بل وفي العهد الجديد ، وهم ميخائيل ، غبريال ، روفائيل ، سوریال ، ساداکیال ، ساراتیال أمانيال.
ووجه آخر ، وهو أن الطغمات تسعة ، منها طغمتا الشاروبيم والسارافيم ، تبقى سبع طغمات، وهي الرؤساء والسلطات والكراسي والأرباب والقوات والملائكة ورؤساء الملائكة فمقدمو هؤلاء السبعة يجوز أن تكون الإشارة إليهم . وأما تقديمه ذكر هذه الأرواح السبعة على ذكر يسوع المسيح فلم يرد الترتيب ، لكن ذكر يسوع المسيح تبعه كلام كثير يتعلق به . فلو جاء ذكر الأواح بعده لبعد المعنى وتشتت شمله.
من وأما قوله الشهيد فصيغته من صيغ اسم الفاعل ، تقول في ذلك : شهد يشهد شهادة فهو شاهد . وشهيد يقال على معنيين : أحدهما الشهادة بقول مطلق . والثاني أخص منه ، وهو الشهادة مع دم الشاهد بسببها ، والمراد هنا المعنى الأخص . والأمين في اللغة القبطية يراد به ثلاثة الأمانة ، والثاني من الإيمان ، والثالث الخصى ، وكذلك في اللغة القبطية على ما ذكر الفاضل بشير بن سرى في شرحه لنبوة دانيال[3].
وأما قوله : «بكر الأموات» ، فلأنه أول من قام من الأموات قيامة لا يعقبها موت . فبالأولوية صار بكرا كأولوية الولادة للبكر . و رئاسته على جميع ملوك الأرض رئاسة الرب على العبد شاء العبد أو أبي.
وقوله : «الذي أحبنا وطهرنا من خطايانا بدمه» ، أما دليل محبته فقد بينه بقوله في الإنجيل : «ما من حب أعظم من هذا ، أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه». وأما تطهيره لنا من خطايانا فبثلاثة أوجه : أولها ما ذكره وهو تطهيره لنا بدمه وذلك أفضل من دماء الحيوانات التي كانت تطهر الخطايا بسفكها ، والثاني بالمعمودية ، والثالث بنهجه طريقا تعصمنا مراعاتها من الزلل.
بعد ذلك ، يأتى قوله : « وجعلنا مملكة وكهنة» كقول التوراة في الفصل الثاني من السفر الثاني لبني إسرائيل : «وأنتم تكونون لي مملكة وكهنة وشعبا »، فالمملكة لنفاذ أمرهم في المنافع والمضار كما حكم بطرس على حنانيا وامرأته وأبرأ المخلع بكلمة، وأبرأ بولس أعمى آخر بكلمة وأقام ميتا سقط من السطع بكلمة. وأما كهنوته فظاهر وكذلك بقية الفص .
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين” [5].
في هذه الافتتاحية يلقب الرسول شخص ربنا يسوع بألقاب تهييء روح القارئ للتلامس مع غاية هذا السفر، فيلقبه:
- الشاهد الأمين: يدور السفر كله حول شهادتنا لربنا على الأرض ليشهد لنا الرب أمام أبيه وملائكته. وكيف نكون شهودًا أمناء؟ بالرب يسوع “الشاهد الأمين“، إذ يقول عن نفسه “لهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق” (يو 18: 37). هذه الشهادة لم تقف عند حد الكلام بل قدم شهادة عملية باذلة أوضحها بالتجسد، ونقشها على الصليب، وأكدها بموته وأعلنها بقيامته!
يقول الأسقف فيكتوريينوس: [لقد قدم شهادة في العالم بأخذه ناسوتًا حتى تألم فيه أيضًا، محررًا إيانا من الخطية بدمه، منتصرًا على الهاوية، قائمًا من الموت بكرًا، لا يسود عليه الموت بعد (رو 6: 9) بل بملكه هدم مملكة العالم.]
- البكر من الأموات: ما يؤكده لنا هذا السفر هو أن الرب بكرنا، وكما قام الرأس هكذا تقوم معه وبه كل الأعضاء، “المسيح باكورة ثم الذين في المسيح” (1 كو 15: 23).
يقول البابا أثناسيوس الرسولي: [لم يُدعَ هكذا لأنه مات قبلنا بل لأنه كابد عنا الموت وأبطله… فإذ هو قد قام نستمد قيامتنا منه، وبسببه نقوم حتمًا من الأموات.]
وكما يقول ذهبيّ الفم إن الرب بكرنا لأنه قدم ذاته ذبيحة مقبولة بلا عيب، تسلمها الآب برضا، فصارت البشرية مقبولة فيه ومقدسة فيه.
فخلال البكر نرث في “كنيسة الأبكار”، ونتمتع بالمجد السماوي الموصوف في الرؤيا.
- “الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه. وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين” [5-6].
وهنا نستطيع بكل جرأة أن نقول إننا إذ لبسنا “ربنا يسوع” صرنا منتسبين لملك الملوك ورب الأرباب رئيس الكهنة الأعظم، وبهذا “جعلنا ملوكًا وكهنة“. فنحن ضعفاء بذواتنا جدًا لكننا به أقوياء للغاية. نحن كلا شيء نخور أمام أقل الخطايا، وبه ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو.لا مطروحين في ضعف أمامه، لكننا بسلطان روحي نترجى ونفرح. ليس لنا ما نقدمه، لكننا به نرفع تقدمات روحية مقبولة أمام الله.
لقد صرنا “ملوكًا وكهنة” بمعنى روحي فلا نخلط بين السلطان العام الموهوب للمسيحي، وبين الذين عينوا من قبل الله أو بسماح منه ملوكًا ورؤساء. نخضع لهم ونقدم لهم الكرامة التي تليق بهم كما أوصانا الكتاب. ويجدر بنا ألاّ نخلط بين الذين تقدسوا وتكرسوا مفروزين للخدمة والكرازة بسرّ الكهنوت وبين الكهنوت العام الذي يسميه القديس إيرونيموس (الكهنوت العلماني Laic Priesthood) الذي يناله المؤمن بسر المعموديّة.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية5 “و من يسوع المسيح الشاهد الامين البكر من الاموات و رئيس ملوك الارض الذي احبنا و قد غسلنا من خطايانا بدمه”.
الشاهد الأمين = هو الذى كان فى حضن الآب وأتى ليخبرنا بكل شىء ويشهد للحق بأمانة (يو37:18) وكل من يطيع وصاياه يخلص فهذا هو الحق. وهو شهد لنا بمحبة الآب ببذله نفسه على الصليب. البكرمن الأموات= هو بكرنا (1كو 15: 23) فكما قام المسيح سنقوم، فنحن نستمد قيامتنا منه.
رئيس ملوك الأرض = هو ملك الجميع، ومعطى كل ذى سلطان سلطانه (رو2،1:13) وهو ملك على دوميتيانوس فلماذا الخوف منه أو من غيره.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع5: من يسوع المسيح: أي أنه مصدر للنعمة والسلام أيضًا كما الآب والروح القدس (أي الثالوث الأقدس كله).
الشاهد الأمين: أي بحياته على الأرض، كان المسيح شاهدًا للآب بأمانة (يو18: 37) وشهد بقيامته على لاهوته الذي لا يغلبه الموت.
البكر من الأموات: أي أول من أقام نفسه بنفسه وقيامته كانت بلا موت ثانٍ.
هذا العدد استكمال لما جاء في العدد السابق في أن المسيح هو مصدر النعمة والسلام، ولكن يوحنا يستطرد هنا في إبراز بعض صفات المسيح في أنه بحياته وموته وقيامته صار شاهدًا أمينًا لكل ما تكلم به عن نفسه وعن أبيه وعن الروح القدس. ومن صفاته أيضًا أنه فوق كل رياسة وسلطان (ملوك الأرض)، والذي عبَّر عن حبه، بتجسده وفدائه لنا بدمه الأقدس الذي فيه مغفرة خطايانا وننال قوته في أسرار الكنيسة التي أولها الغسل بماء المعمودية. وكلمة بكر أيضًا تعني أنه بكر لكل البشر الذين يدخلهم معه إلى الفردوس والملكوت فهو “بكر بين إخوة كثيرين” (رو8: 29).
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ1: 4 | سفر الرؤيا | رؤ1: 6 | |
الرؤيا – أصحاح 1 | |||
تفسير رؤيا 1 | تفاسير سفر الرؤيا |